الطيور البرية بالمملكة – طيور السعودية
د. محمد بن يسلم شبراق
تعد الطيور من المجموعات الحيوانية الأكثر انتشارًا بالعالم، فهي موجودة في كل مكان على سطح الكرة الأرضية بالبحار والمحيطات والجزر النائية والجبال الشاهقة، وفي الغابات والمناطق الشجرية وفي الصحاري الرملية والثلجيّة والمناطق الحضرية والزراعية. بالإضافة إلى ذلك تعد الطيور أكثر المجموعات الحيوانية ارتباطًا بالإنسان، وربما يرجع ذلك لحاجته إليها لمده بالغذاء، ولجمال منظرها المتمثل في ريشها ذي الألوان الزاهية.
شدت الطيور انتباه الإنسان منذ بدء الخليقة وشاركته تاريخه وثقافته وقد جاء ذكرها في القرآن بمواقع عدّة من أهمها تعليمها لبني آدم كيفية دفن الموتى بعد أوّل جريمة قتل على وجه الأرض، فكان أن بعث الله غرابًا ليعلم الإنسان كيف يدفن الموتى وقد وردت هذه القصة في القرآن الكريم في قول الله تعالى (فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ ۚ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي ۖ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ) سورة المائدة، آية (۳۱).
من الطيور التي ذكرت أيضًا في القرآن الكريم طائر الهدهد مع نبي الله سليمان عليه السلام الذي أشار إليه عدد من كتب التفسير بأنه الطائر الموحد، وذلك لأنه بعدما رأى عرش ملكة سبأ وحد الله رب العرش العظيم، فكان موضع هذه الآية هو سجدة في القرآن، كما أشاروا إلى أن في هذه القصّة عبرة في شجاعة الهدهد، حيث أنه فور عودته، أخبرته الطيور بعقاب سيدنا سليمان – عليه السلام – فذهب وجلس بالقرب من نبي الله سليمان «فمكث غير بعيد» عن سليمان؛ وهذا فيه شجاعة، وثقة بالنفس، وهذا درس يعلّمه لنا الهدهد أنك إذا كنت صادقًا ومتقيًا ربّك فلا تخف في الله لومة لائم.
لقد دخلت الطيور في ثقافة وحضارات الشعوب بعضها يدل على الخير وآخر يدل على الشر، فهذه البومة ترمز عند بعض الشعوب إلى الحكمة والمعرفة، وعند أخرى تدل على الموت والظلام، كما أن طائر اللقلق الأبيض يرمز في أساطير شمال أوروبا إلى أنه يجلب الأطفال، وقد أشارت الأفلام الكرتونية إلى هذه الأساطير، حيث تحمل هذه الطيور صغارها بمناقيرها وتنقلها عبر مداخن المنازل، وهناك طيور الغرانيق التي ترمز في ثقافة العديد من الدول الآسيوية إلى طول العمر والخلود وهذا يرجع لطول عمرها، فقد سجل أطول عمر بالطيور بالأسر كان لطائر الغرنوق السيبيري حيث مات عن عمر يناهز ٨٣ عامًا.
لم يقتصر إلهام الطيور للإنسان على أشكالها وعمرها، ولكن حتى حركتها ورقصاتها ألهمت كثيرين، فبعض رقصات الهنود الحمر ورقصات معينة في الفلوكلور الهندي والياباني مستوحاة من الطيور كما دخلت الطيور في معتقدات بعض الشعوب القديمة حيث شبه الفراعنة رأس أحد آلهتهم برأس الصقر. وقد ألهمت ألوان الريش الفنانين فظهرت في رسوماتهم والأدباء في قصصهم وأشعارهم. كما أن عددًا من الدول جعلت من بعض الطيور شعارًا لها، فالعقاب في الشعار الأمريكي ونسر الكوندور في عدد من دول أمريكا الجنوبية كبوليفيا يعد رمزًا للقوة وللعلاج من الأمراض.
في الجزيرة العربية دخلت الطيور في ثقافة العرب، حيث ضُربت بها الأمثال، فمثلًا يصف العرب طول عمر الشخص بقولهم عمره عمر نسر ومازال هذا المثل متداولًا حتى الآن عند البدو، وقد ذكر الجاحظ في كتابه الحيوان أن العرب عرفوا أن النسور من الطيور المعمرة.
كذلك لا يخفى على الجميع أهمية الصقور والصقارة وكيف أنها شكلت جزءًا كبيرًا من تراث هذه المنطقة، حتى أن منظمة اليونسكو عام ٢٠١٠م عدت الصقارة تراثاً بشريًا عالميًا، ولقد كان لدولة الإمارات العربية دور كبير في ذلك وبمساندة قوية من دول مجلس التعاون الخليجي، كما أحيت هذا التراث في مهرجان سنوي عن الصقور والصقارة وربطتها ببرامج علمية وبيئية ليشارك معظم دول العالم في هذا التراث الجميل.
تصنيف الطيور
يعد تصنيف الطيور من الموضوعات المهمة والمعقدة خاصة مع التوسع في مجال التقنيات الوراثية التي أدت إلى طفرة في الدراسات التصنيفية، ويرجع ذلك إلى تكوين عدد من المراجع التصنيفية للطيور، وقد أدى هذا إلى تغيرات في المسميات ما جعل كثيرًا من الاتفاقيات البيئية ذات العلاقة بالطيور وحمايتها للاجتماع وتحديد المرجع المناسب منها والذي يحقق المحافظة على هذه الطيور، ويقدر عدد المراجع الموجودة والمستخدمة في تصنيف الطيور بحوالي ثمانية مراجع منها ما يهتم بالأسماء العلمية وأخرى تهتم بالأسماء العلمية والإنجليزية وأحدثها ثلاثة هي:
- كتاب قائمة طيور العالم
نُشر المجلد الأول لـكـتـاب قـائـمـة طيور العالم (IOC World Bird List) عام ۲۰۱۳م متضمنًا الطيور غير الجواثم (Non passerine)، كما صدر المجلد الثاني منه في شهر سبتمبر من هذا العام ٢٠١٤م، ويعد هذا المرجع معتمدًا أكاديميًا وعلميًا يعتمد في تصنيفه على المراجع، ولكنه محافظ وحذر بخصوص التغيرات الوراثية، كما أن له توجهات بخصوص ضمّ أو فصل الأنواع للعالم القديم والحديث ولم يقدم مرادفات أخرى، ومن الأمور المهمة في هذا المرجع هي فصل الصقور عن الجوارح ووضعها في رتبة أخرى لا تتبع الجوارح
- كتاب القائمة العالمية لحياة الطيور
توجد نسخة واحدة من كتاب القائمة العالمية لحياة الطيور (Bird Life International)، على الموقع الإلكتروني وسوف يصدر المجلد الأول للطيور غير الجواثم في شهر سبتمبر هذا العام ٢٠١٤م. تحت عنوان القائمة التوضيحية لطيور العالم (Illustrated Checklist of the Birds of the Would). أما المجلد الثاني والمخصص للطيور الجواثم فسوف يصدر في عام ٢٠١٦م، وهناك مميزات لقائمة التصنيف هذه حيث تحتوي القوائم الحمراء للاتحاد العالمي على صور الطبيعة (IUCN). كما يعتمد في تصنيفه لمرحلة النوع على دراسة منشورة (2010. Tobia et al) تعتمد بشكل أساسي في تصنيفها للنوع على الشكل والصوت (Morphology & sound) أخذًا في الحسبان التوافق الجغرافي، بعكس السابق الذي يجزئ العالم إلى عالم قديم وحديث، كما أن رتبة الصقريات – حسب القائمة بالشبكة على الموقع الإلكتروني – فُصلت في رتبة مستقلة قريبة من الببغاوات لكنها مازالت تنتمي للجوارح، وهذا راجع لتصنيفه حسب الشكل والصوت وسلوكها في الصيد.
- قائمة الاتحاد العالمي لعلماء الطيور
توجد قائمة الاتحاد العالمي لعلماء الطيور أو ما يعرف بمؤتمر الطيور العالمي (International Ornithological Congress-IOC) على الشبكة العنكبوتية وتُحدّث بشكل دوري، كل ورقة علمية تصدر يقوم بها متطوعون بعضهم ليسوا متخصصين بالتصنيف ولا توجد منها نسخة مطبوعة بالوقت الحالي.
الجدير بالذكر أن هناك اتفاقيات ومذكرات تفاهم تعمل حاليًا لتوحيد أسماء الطيور وذلك بتحديد مرجع واحد ليسهل التعامل مع قوائم الأنواع التي تضمنها هذه الاتفاقيات، مع أن منها من قرّر استخدام مراجع تصنيفية محددة، فمثلًا اتفاقية طيور العنقاء والنوء تستخدم مرجع (1975) Morony, Bock and Farrand) أما فيما يخص الرتب والعوائل لمعظم الاتفاقيات فهي تستخدم مرجع (1993 & 1990 Sibley and Monroe).
يقدر عدد أنواع الطيور المسجلة بالمملكة بحوالي 550 نوعًا، تنتمي إلى 76لاعائلة تحت 24 رتبة، وتعد رتبة الجواثم من أكبر الرتب بعدد الأنواع بالمملكة، حيث تضم 218 نوعًا، كما يُعد تنوّع الطيور بالمملكة كبيرًا بالنسبة لمنطقة صحراوية كالمملكة مقارنة بدول أوروبية كبلغاريا مثلا التي لديها حوالي ٣٣٠ نوعًا تقريبًا، وترجع زيادة أعداد الطيور في المملكة إلى سببين هما:
١ – وقوع المملكة بين ثلاث نطاقات بيوجغرافية هي:
– النطاق الأفريقي الاستوائي (frotropical region) بالجنوب الغربي من المملكة ويتمثل في الطيور ذات الأصول الأفريقية مثل الدجاج الحبشي وأبو معول الرمادي وأبو مطرقة والخاضور الأبيسييني (الغراب الزيتوني الأبيسيني)، وصائد الذباب كامباكا وصائد الذباب الفردوسي.
– النطاق الأوروبي الشمالي القديم (Palarctic region) بشمال المملكة ووسطها، ومن أمثلتها: طائر الدراج والقطا.
– النطاق الهندو ماليزي (Indo-Malayan region) في شرق وجنوب شرق المملكة.
2- وقوع المملكة على مسارين مهمين لهجرة الطيور هما: الأول مسار وسط آسيـــا ويغطّي الجزء الشرقي من المملكة، والـثـانـي مسار يوروآسيا وأفريقيا.
يمكن تقسيم الطيور بالمملكة إلى ما يلي: –
- الطيور المتوطنة
تعيش معظم الطيور المتوطنة (Endemic) (الطيور المقيمة المعشّشة) في المنطقة الجنوبية الغربية من الجزيرة العربية، وهي ١٤ نوعًا متوطنًا أي أنه لا يوجد بالعالم إلا في هذه المنطقة، وهي كما يلي: –
ويصنف على أنه تحت نوع في معظم المراجع التصنيفية، لكن هناك مرجع واحد هو المجلّد رقم ١٤ بعنوان كتاب الطيور بالعالم (HandBook of the Birds of the Worlds) صنفه كنوع منفصل ويطلق عليه في بعض المراجع «العقعق العربي» كم يطلق عليه «العقعق الأيوروآسيوي» (Eurasian Magpie or Arabian Magpie) في المراجع التي لم تصنفه كنوع مستقل وهو النوع الوحيد غير المسجل باليمن ولم يسجل إلّا بالمملكة العربية السعودية، وبالرغم من أنه ربما يكون النوع أو تحت النوع المتوطن بالمملكة إلا أن أعداده بدأت بالتناقص بشكل لافت للنظر، وهذا ربما يرجع لتدهور البيئات الطبيعية.
- النورس أبيض العين (Larus leucophthalmus):
ويستوطن في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن، ويعشش على الجزر الرملية والصخرية ويُشاهد بالمناطق الساحلية، ومن أهم مناطقه: جزر فرسان والوجه والقنفذة، ويمتاز بحلقة بيضاء حول العين سميكة تشبه الهلال إحداهما علوية وأخرى سفلية، والمنقار أقل سماكة ولونه أحمر ونهايته سوداء، كما توجد به انحناءة بسيطة جدًا عند طرفه، ومنطقة الرأس والبطن سوداء، وجانبا الرقبة أبيضان، والأجزاء العلوية والأجنحة رمادية، وأطراف الأجنحة بيضاء، والأرجل صفراء اللون والظهر قاتم، واليافعة مناقيرها سوداء فاتحه كما أنها أكثر قتامة.
- الغاق السقطري (Phalacrocorax nigrogularis):
ويستوطن منطقة الخليج العربي وبحر العرب وخليج عدن، ويرتاد الجزر الرملية والرملية الحصوية للتعشيش، مثل جزيرة جذيم قبالة شاطئ العقير بالمنطقة الشرقية، وجزيرة حوار بالبحرين، وجزيرة آبار على باليمن. صُنف الغاق السقطري ضمن الطيور المهدّدة بالانقراض عالميًا ومحليًا (VU) وذلك لتناقص أعداده بشكل كبير خلال العشر سنوات الماضية وذلك نتيجة الإزعاج بمناطق التعشيش والتلوث البترولي واستخدام الشباك الكبيرة لصيد السمك التي يعلق بها أثناء تغذيته.
- حجل فيلبي (Alectoris philbi):
ويقطن المرتفعات الجبلية التي يزيد ارتفاعها على 1500 متر.
- الحجل العربي Alectoris melanocephala):
وينتمي إلى الأصول الأوروبية الشمالية، ويوجد على ارتفاعات جبلية تبلغ حوالي ألف متر.
- نقار الخشب العربي (Dendrocopos dorae):
وهو من الأصول الأوروبية الشمالية، وقد أُدرج مؤخّرًا ضمن الأنواع المهددة بالانقراض، وذلك بسبب تأثير البيئات التي يعيش فيها، فهو يقطن المناطق الشجريّة الكثيفة على المرتفعات الجبلية وتهامة، ويحفر هذا النوع حُفرًا بالأشجار اليابسة ليضع بيضه فيها، وتقدر أعداد الأزواج المعششة بالجزيرة العربيّة (السعودية واليمن) حوالي ٧٥٠٠ زوج.
▪ أنواع أخرى؛ ومنها: أبلق الجزيرة العربية (Oenanthe lugentoides)، وعصفور الشوكي العربي (Prunella fagani)، والحــــــــــــون اليمني (Carduelis yemenensis)، والهازجة اليمنية أو الدخلة اليمنية (Parisoma buryi)، والسمنة اليمنية (Turdus menachensis)، وشمعي المنقار العربي (Estrilda rufibaroba)، والنعار اليمني (Serinus menachensis)، والنعار العربي (Serinus rothschildi).
وتقطن جميع الطيور الأرضية المرتفعات الجنوبية الغربية للجزيرة العربية وذلك بالبيئات الشجرية والزراعية، ومنها أيضًا من يقطن المناطق الزراعية والشجرية بتهامة بالمرتفعات الجبلية.
- الطيور المهاجرة
تمثل الطيور المهاجرة ٣٠٠ نوع تقريبًا، ويمكن تقسيمها حسب وقت وصولها للمملكة إلى أربعة أقسام هي:
▪ الطيور المهاجرة العابرة: وهي طيور تستخدم أجواء المملكة كمنطقة عبور بين أيوراسيا وأفريقيا، حيث تمرّ عبر أجواء المملكة في شهر أغسطس من كل عام خلال تحرّكها لمناطقها الشتوية في المناطق الجنوبية، وتستخدم أراضي المملكة للتغذية خلال رحلتها، وتتراوح مدة توقفها من عدة ساعات إلى ثلاثة أسابيع، وهناك مجموعة تعود لمناطق تعشيشها خلال عودتها في الربيع (شهري مارس وأبريل) منها طائر الرهو الذي له مناطق معينة يمر بها جنوب جدة. وتتوقف في أثناء عودتها ببعض المناطق الزراعية بمنطقة حائل. كذلك هناك طيور الوروار الأوروبي التي تعرف أيضًا بالخضري ويعرفها مربو النحل جيّداً لتغذيتها على النحل، كما أن هناك طيور المرزة وهي من الطيور الجوارح وتسمّى أيضًا في المملكة «ممسح الريضان» وذلك لطريقة طيرانها.
▪ الطيور الزائرة الشتوية، وهي الطيور التي تتكاثر في المناطق الشمالية من أيوراسيا وتأتي للمملكة لتقضي مدة الشتاء فيها، وذلك في أواخر شهر سبتمبر وبداية شهر أكتوبر وتغادرها في شهر فبراير – مارس، ومنها: العقاب الإمبراطوري، والعقاب المنقط الكبير. كما أن هناك أنواع من الطيور يمكن أن نرى منها مجموعات عابرة وأخرى زائرة شتوية.
▪ الطيور الزائرة الصيفية: هي الطيور التي تصل للمملكة خلال فصلي الربيع والصيف، وقد قضت الشتاء في القارة الأفريقية أو في مناطق أخرى من العالم، وتأتي إلى أراضي المملكة للتكاثر (التعشيش)، وتبدأ هذه الهجرة مع بداية شهر مارس – أبريل وتستمر خلال الربيع والصيف لتغادر المملكة مع نهاية الصيف أو بداية الخريف إلى مناطقها الشتوية، ومن أشهرها الطيور البحرية التي تأتي للتكاثر في الصيف وتهيم بعد ذلك في البحر مثل طيور الخرشنة وبعض أنواع النوارس كالنورس الأسحم والنورس أبيض العينين، وقد سجلت طيور الخرشنة المتوجة الصغيرة المعششة بجزر الخليج العربي التي تم تحجيلها في جزر كاران وكرين وتقضي الشتاء بجزر بإندونيسيا، ومن الطيور الزائرة الصيفية القادمة للمملكة من أفريقيا طيور القماري المطوقة الأفريقية التي تصل في نهاية شهر مارس من كل عام لتتكاثر بشكل جماعي مع بداية شهر أبريل في بعض الجزر كجزيرة أم القماري، وهي إحدى محميات الهيئة السعودية للحياة الفطرية.
من الطيور الزائرة الصيفية ذات الأهمية العالمية الصقر الأسحم (Falco concolor) ويعرف بالبكاك الذي يأتي للتعشيش بجزر البحر الأحمر والخليج العربي في الصيف وبعد موسم التكاثر يغادر المنطقة ليقضي الشتاء بجزيرة مدغشقر وجنوب أفريقيا، وهذا النوع يُعد من الأنواع القريبة من التهديد، وتمثل جزر البحر الأحمر أهم مناطقه.
▪ الطيور السائحة أو المتنقلة: هي في الأصل طيور مقيمة في المملكة لكنّها تقوم بتحركات موسمية داخل الجزيرة العربية ولا تغادرها إلا نادرًا، وعادةً ما تكون منتشرة في صغار الطيور بعد مغادرتها لأعشاشها، وقد أشارت إحدى الدراسات التي أجريت على النسر الوردي إلى أن صغار النسور ابتعدت لمسافات بعيدة عن أعشاشها تصل إلى ما بين ٣٠٠-٤٠٠ كم من أعشاشها وذلك بعد شهرين من اكتمال ريش أجنحتها
- الطيور الدخيلة
تكون هذه الطيور إما شاردة من الأسر أو قادمة من بيئات ومناطق أخرى وتعرف أيضًا بالطيور الغازية، ومنها الغراب الهندي المنزلي وطيور المينا والببغاء المطوق، ومعظم هذه الطيور جُلبت من القارة الهندية. ولهذه الأنواع من الطيور الغازية – حسب العديد من الجهات ذات العلاقة بحماية التنوع الأحيائي – ضررها على الأنواع المحلية والمتوطنة خاصة الغراب المنزلي وطائر المينا، وتوجد برامج عديدة لتقليل أعدادها بالعالم، وفي المملكة هناك برامج للتخلص منها في العديد من المدن كجدة والجبيل وينبع. أما الطيور الأخرى الشاردة فهي طيور من داخل المملكة شرّدت من الأسر في مناطق أخرى من المملكة منها العصفور الذهبي العربي الذي يوجد في مناطق تهامة وسجل بمناطق بالرياض كذلك النعار العربي الذي يعرف بوجوده في المرتفعات الجبليّة وسجل أيضًا بمنطقة الحائر بالرياض.
- طيور أخرى مهمة
هناك عدة طيور مسجّلة بالمملكة ذات أهمية على مستوى العالم ومنها:
▪ الصقر الحر (Falco cherrug): وهـو من الطيور المهاجرة العابرة والزائرة الشتوية بالمملكة وله علاقة بتراث القنص والصيد لسكّان الجزيرة العربيّة، وهو من الجوارح المهددة بالانقراض. ولهذا الطائر محبة في قلوب أبناء الجزيرة العربيّة بشكل عام والمملكة بشكل خاص وعرف أن بعض شباكي الصقور يمسكها بعضهم أثناء هجرتها بشهر أكتوبر ومن ثم تدريبها خلال شهر نوفمبر قبل الخروج للصيد في شهر ديسمبر ويناير، ومن الطرائد المحببة له طائر الحبارى والكروان والأرانب البرية.
▪ طائر الحبارى (Houbara bustard): وهو من الطيور المهمّة التي تعمل الهيئة السعودية للحياة الفطرية على حمايتها. ويستوطن هذا الطائر المناطق شبه الصحراوية ذات الغطاء النباتي المتفرّق، وذلك من الصين شرقًا إلى جزر الكناري غربًا، ويتميز بطول سيقانه ورقبته ولونه البنّي الرملي والبطن لونها أبيض ويوجد ريش على تاج الرأس طويل يرفعه عند الدفاع عن نفسه، وفي وقت أداء رقصة التزاوج، والذكر أكبر من الأنثى، ويبدأ التكاثر لهذه الطيور المهاجرة في شهر فبراير، وللحبارى سلوك بالتكاثر يعرف بـ (Lekking species) وذلك لأن الذكور ترقص في مناطق معينة تحدّدها وتحميها من الذكور الأخرى، ولا ترعى الصغار ولا تقدم لها إلا المورثات خلال عملية التلقيح، كما أنّ الأنثى تختار الذكر، وبعد التزاوج تبتعد الأنثى لوضع البيض، وتختار- منفردةً- مواقع التعشيش وحضانة البيض ورعاية الصغار، ولا توجد أعشاش مميّزة للحبارى وإنما هي عبارة عن انخفاض بسيط دائري على الأرض بالمناطق المفتوحة، وتضع الأنثى بين ٢-٤ بيضات تحضنها لمدة ٢٤-٣٠ يومًا، والحبارى يعرف عنها أنها متعدّدة ،التغذية فهي تتغذى على نباتات وثمار وحشرات وزواحف وأحيانًا الجرابيع الصغيرة،
وهي من الطيور المهددة بالانقراض على مستوى العالم وذلك لتناقص أعدادها بنسبة ٣٥٪ خلال الأجيال الثلاثة الماضية نتيجة الصيد الجائر، وعليه فقد قامت الهيئة السعودية للحياة الفطرية ببرنامج لإكثاره وإعادة توطينه بالمحميات الطبيعية بالمملكة العربية السعودية.
▪ طائر الحنكور (Dromas ardeola): وهو من الطيور المائية المهمة إقليميًا التي تعشش في جحور يصل عمقها إلى مترين تقريبًا وذلك بالجزر الرملية، وفي مستعمرات تصل إلى ما بين ٣٠-٤٠٠ زوج، وتعد منطقة البحر الأحمر والخليج العربي من أهم مناطق تعشيشه على مستوى العالم.
▪ نسر الأذون (Torgos tracheliotos): وهو من الأنواع المهددة بالانقراض، وتعد المملكة من أهم مناطق انتشاره، وتقدر أعداده بالجزيرة العربية حوالي ٦٠٠ زوج معظمها موجودة بالمملكة، وتعد محمية محازة الصيد من مناطق تعشيشه فقد سجل بها في عام ٢٠٠٣م حوالي ٣٧ عشًا.
البيئات والمناطق المهمّة للطيور
بالرغم من أن المملكة يغلب عليها الطابع الصحراوي وشبه الصحراوي، فهي تحوي – أيضًا عددًا من البيئات المهمة للطيور، وقد سجل بالمملكة حسب كتاب المناطق المهمة للطيور بالشرق الأوسط حوالي ۳۸ موقعًا، منها ما هو محميات طبيعية تابعة للهيئة السعودية لحماية الحياة الفطرية، وتأتي أهمية هذه المناطق لتمثيلها لبيئات أو لوجود أنواع متوطنة أو شبه متوطنة أو موجودة بتراكيز عالية جدًا. ومن هذه المناطق:
- محمية حرّة الحرة بالشمال
تعد محمية حرة الحرة بالشمال منطقة مفتوحة مهمة لطيور القبرات، حيث تحتوي أكثر من تسعة أنواع من القبرات كالقبرة الهدهدية والقبرة الصحراوية والقبرة العصفورية سوداء التاج والقبرة المقرنة، كما أنها تعد منطقة عبور الكثير من الطيور المهاجرة.
- محمية ريدة
تحوي محمية ريدة أحد عشر نوعًا من الطيور المتوطنة بالمملكة، بالإضافة إلى أن بها أنواعًا تمثل النطاق الأفريقي الاستوائي كأبو معول
- محمية محازة الصيد
تحوي هذه المحمية أكبر عدد لأعشاش النسر الوردي
- مناطق الطيور البحرية
تحوي هذه المناطق: جزر فرسان، وجزر أم القماري، وجزر أرخبيل الوجه من المناطق المهمة لتعشيش عدد من الطيور البحرية ومن أهمها: طيور الخرشنة المتوّجة الصغيرة وخرشنة ساندرس الصغيرة والنورس أبيض العين والأطيش البني وخرشنة بحر قزوين، بالإضافة إلى طيور مائية أخرى كالبلشون العملاق وطائر الحنكور (الزقزاق السرطاني) وهو من الطيور المميزة للمنطقة التي تجذب السياح لها.
- الجزر المرجانية في الخليج العربي
تشمل هذه الجزر حرقوص وكاران وكرين وجانا ومنطقة أبو علي وسبخة الفصل وخليج تاروت وخليج سلوى، وتحاط هذه الجزر بشعاب مرجانية وتحوي منطقة رملية في المنطقة الوسطية للجزر الكبيرة وبها غطاء نباتي جيد من النباتات الملحية كالسويداء، وتعد هذه الجزر من أهم المناطق في العالم لتكاثر طيور الخرشنة المتوجة الصغيرة لوجود أكثر من ٢٤٠٠٠ زوج يتكاثر بها سنويًّا، ويبلغ عدد الطيور البحرية الحقيقية (طيور تعتمد على البيئة البحرية طوال حياتها سواءً للتغذية أو للتكاثر) أكثر من ٧٠,٠٠٠ زوج معظمها من طيور الخرشنة، ولا تقتصر أهمية هذه الجزر على الطيور البحرية ولكن أيضًا للطيور البرية المقيمة كالقبرة المتوجة والقبرة الشرقية الكبيرة ومن الطيور المهاجرة: أبو الحناء أبيض الزور وهازجة الشجر، وهذه الجزر لها أهمية أيضًا لأنواع حيوانيّة أخرى مهددة بالانقراض على مستوى العالم كالسلحفاة الخضراء.
- منطقة المد والجزر
تشتهر منطقـة المد والجــزر (Intertical zone) بالمسطحات الطينية والسبخات التي تحتوي على بيئة أشجار القرم (الشورى) حيث يعشش فيها بلشون الصخور والبجع وردي الظهر. أما بيئة السبخات الطينية الملحية فهي مهمة لتغذية كثير من الطيور المهاجرة لاحتوائها القشريات وبعض الأنواع من اللافقاريات التي تتغذى عليها هذه الطيور مثل: آكل المحار، وكروان الماء، والطيور الخواضة بأنواعها، ومن أهم المناطق للطيور بهذه البيئات: خليج تاروت وصفوة، ولكن للأسف الشديد فإنّ هذه البيئات تأثرت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة بسبب الردميات الناتجة عن التوسع العمراني والتلوث النفطي نتيجة تسرب البترول خلال حرب الخليج الثانية، ولم تبقى إلا مناطق صغيرة بالخليج العربي ومواقع عديدة، ويوجد بها القرم بمنطقة رحيمة وصفوى وجزيرة القرم بالجبيل، وهناك منطقة داخل شركة أرامكو قامت الشركة بالتعاون مع الهيئة السعودية للحياة الفطرية بإعادة استزراع أشجار القرم فيها، وقد نجحت هذه التجربة في زيادة رقعة أشجار القرم بالمنطقة الشرقية، وهناك برنامج عالمي لاستزراع مناطق أخرى بالخليج العربي بعد إزالة التلوث البترولي منها تحت إشراف برنامج الأمم المتحدة للبيئة كتعويض عن حرب الخليج. أما منطقة أبو علي فهي مهمة لطيور النحام الكبير، حيث بلغ عدد الطيور التي تقضي الشتاء في هذه المنطقة أكثر من ۸۰۰۰ طائر.
- البيئات الرملية
تشمل البيئات الرملية بالمملكة محمية عروق بني معارض في الربع الخالي بالجنوب والدهناء بالشرق وتستوطنها الطيور الصحراوية كالقبرة الهدهدية (أم سالم) والغراب البني الرقبة، ومن الطيور التي كانت تستوطن هذه البيئات وانقرضت منها بصفة خاصة ومن المملكة بصفة عامة النعام العربي أحمر الرقبة، وقد سجلت بهذه المنطقة خلال الثلاثينيات من القرن الماضي.
- بيئة المسطحات المائية
تشمل هذه المسطحات البحيرة الصفراء بالأحساء والحائر بالرياض وبحيرة وادي جيزان، وتحتوي هذه المسطحات على أعدادًا كبيرة من الطيور المائية المهاجرة، كما أن هناك تجمعات مائيّة ظهرت حديثًا ناتجة عن تجمعات الصرف الصحي، وتعد هذه المنطقة مهمة لعدد من الطيور المقيمة والمهاجرة مثال ذلك: الغطاس الصغير وأنواع البط كالبلول وأبو مجرف، ومن الطيور الخواضة والزهير الصغير وآكل السمك.
- بيئة المناطق الزراعية والحضرية
تتمثل هذه البيئة في المناطق الشجرية كمزارع النخيل، كذلك الحدائق العامة والخاصة بالمدن التي تنتشر فيها بعض أنواع الطيور مثل: الحمامة المطوقة والحمام الصخري والبلابل وأبو حناء الأحراش الأسود.
حقوق النشر: محفوظة لمجلة العلوم والتقنية، مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية.
المراجع
– شبراق، محمد ۲۰۰۳م: الطيور الجوارح المعششة بالمملكة العربية السعودية – مجلة الفيصل العلمية – المجلد الأول العدد الثاني – شهر رجب، رمضان ١٤٢٤هـ
– شبراق ۲۰۱۳م: الطيور المهاجرة … وحماية مساراتها، مجلة الوضيحي، العدد ٥١
– شبراق: ۲۰۱۳م الطيور البحرية الحقيقة … طيور ليست ككل الطيور، مجلة الوضيحي العدد ٥٢
– https://www.aramcolife.com/ar/publications/al-quafilah-weekly/articles/2020/week-51/arabian-birds
– BirdLife International (2013) The BirdLife checklist of the birds of the world, with conservation status and taxonomic sources. Version 6. Downloaded from http://www.birdlife.org/datazone/userfiles/file/Species/Taxonomy/BirdLife_Checklist_ Version_6.zip [.xls zipped 1 MB].
– BirdLife International 2004: Threatened birds of the world. Barcelona and Cambridge, UK: Lynx Edition and BirdLife International.
– Del Hoyo, J., Elliott, A. and Sargatal, J. 1994: Handbook of the Birds of the World: New World Vultures to Guineafowl. Vol. 2. Barcelon: Lynx Edicions.
– Gill, F and D Donsker (Eds). 2014. IOC World Bird List (v 4.2). Doi 10.14344/IOC.ML.4.2. http://www. worldbirdnames.org/
– JENNINGS, M.C. (2010): Atlas of the breeding birds in the Arabia Peninsula. Frankfurt: Senckenberg Gesellschaft für Naturforschung, and Riyadh: King Abdulaziz City for Science and Technology. Fauna of Arabia 25.
– PERSGA, 2003. Status of Breeding Seabirds at the Red Sea and the Gulf of Aden, PERSGA, p. 75.
– Shobrak, M. and Aloufi, A. (2014): Status of breeding seabirds on the Northern islands of the Red Sea, Saudi Arabia. Saudi Journal of Biological Science. Vol. 21 (3): 238-249. http:// www.sciencedirect.com/science/article/pii/S1319562X13000995