طبيعة السعودية

الغطاء النباتي في المملكة

الغطاء النباتي في المملكة
السودة

د. يس محمد السوداني

تتميز المملكة العربية السعودية بموقع جغرافي يتوسط قارتي آسيا وأفريقيا، وبتكوين جيولوجي متباين مع اختلاف في مظاهر سطحها ومناخها من منطقة إلى أخرى، الأمر الذي أدى إلى وجود العديد من البيئات الطبيعية تختلف في مكونات غطائها النباتي من مكان لآخر من حيث التنوع والكثافة والتوزيع

يتناول هذا المقال طبيعة الغطاء النباتي الطبيعي في المملكة وأهميته من حيث عدد الفصائل والأجناس والأنواع النباتية فيها ونسبها وما هو متوطن منها وغير متوطن، والأنواع المهددة بالانقراض والمنقرضة وغير المنقرضة، بالإضافة للمناطق الجغرافية للغطاء النباتي، فضلا عن الأخطار والتهديدات التي تواجه الغطاء النباتي في المملكة.

يذكر كولينيت (1999 ,Collenette) أن فلورا المملكة تحتوي العديد من الأنواع النباتية تقدر بما يزيد على ٢٢٥٠ نوعا تقريبا (۲۷) نوعا سرخسيات بنسبة ١,٢ و ٢٢٢٣ نباتات بذرية بنسبة ۹۸,۸٪)، تنتسب إلى ٨٣٥ جنسًا، وتنتمي إلى ١٤٢ فصيلة، وتبعا للنافع (٢٠٠٤م) يبلغ عدد الأنواع النباتية البرية في المملكة – بعد استبعاد التي لم يتم تسميتها وتعريفها بوساطة كولينيت – ۲۱۷۲ نوعا نباتيا تنتسب إلى ٨٤٠ جنسًا و١٤٩ فصيلة، كما أشار النافع، (٢٠٠٤م) إلى أن عدد أنواع النباتات بالمملكة قليل جدا مقارنة مع عددها في بعض الدول المجاورة مثل: فلسطين (۲۵۹۸) نوعا نباتيا) وباكستان (٦٠٠٠ نوع)، وتركيا (١٠٠٠٠ نوع). تمتاز المملكة كبقية المناطق الصحراوية المدارية وشبه المدارية – بانتماء معظم الأنواع النباتية إلى عدد محدود من الفصائل، فعلى سبيل المثال ينتمي ١٥٨٦ نوعا (٧٣٪ من مجموع الأنواع النباتية إلى ٢٣ فصيلة فقط (١٥,٤٪ من مجموع الفصائل). وتمثل هذه الأنواع ٧٣٪ من مجموع الأنواع النباتية المسجلة في المملكة وتضم ثلاث فصائل فقط أكثر من ٣٠٪ من مجموع الأنواع النباتية الموجودة في المملكة (٦٦٠ نوعا)، وهي: الفصيلة النجيلية وتشمل (٢٦٢ نوعا)، والفصيلة المركبة وتشتمل على ۲۳۳ نوعا، والفصيلة القرنية وتشمل ١٦٥ نوعا.

 

أهمية الغطاء النباتي الطبيعي

من الصعب حصر الفوائد المباشرة وغير المباشرة للغطاء النباتي الطبيعي وأهميتها لأي مكان على سطح الأرض وذلك بسبب كثرتها، ويمكن بسهولة مشاهدة أو لمس بعض الفوائد المباشرة، إلا أنه يصعب ملاحظة الفوائد غير المباشرة التي تحتاج إلى فترات طويلة المعرفة أهميتها وتأثيرها على حياتنا اليومية وحياة أجيالنا القادمة. ومن أهم فوائد الغطاء النباتي الطبيعي في المناطق الجافة والصحراوية مايلي:

  1. يعد القاعدة الأساسية في الهرم الغذائي للكائنات الحية كافة، حيث تمثل النباتات البرية المنتج الأساسي للمواد العضوية على سطح الأرض
  2. من أهم النظم البيئية التي تستخدم – من خلال عملية التمثيل الضوئي – الطاقة الشمسية لامتصاص ثاني أكسيد الكربون وإنتاج غاز الأكسجين اللازم لتنفس الأحياء كافة على سطح الأرض، ومنع ظاهرة الاحتباس الحراري.
  3. من أهم النظم البيئية في تنقية الهواء من الغازات السامة والغبار والعوالق الضارة.
  4. المحافظة على درجة الحرارة المناسبة للحياة، خاصة في تقليص الفوارق الحرارية بين النهار والليل، وهي العامل الأساسي لحفظ التوازن الغازي والعضوي في النظم البيئية كافة.
  5. المحافظة على دورات العناصر المعدنية والعضوية في التربة.
  6. المحافظة على دورة المياه في التربة ورطوبتها، وعلى جلب الأمطار.
  7. تثبيت الكثبان الرملية ومنع ظاهرتي الانجراف والتعرية للتربة.
  8. تنظيم الرياح وحركة السحب والأمطار وتوزيعها على سطح الأرض.
  9. توفير الموارد الطبيعية التي يستخدمها الإنسان في الغذاء.
  10. توفير المواد الفعالة الطبيعية الأولية اللازمة للصناعات الدوائية.
  11. من أهم عوائل المكونات الإحيائية والتوازن البيئي الذي يتربع على رأسه الإنسان.
  12. المخزن الرئيس للمورثات النباتية التي لا تقدر بثمن، ولا يمكن تصنيعها بأي حال، وتعتمد عليها لإجراء عمليات التحسين الوراثي.
  13. مؤشّر بيئي شديد الحساسية للتغيرات الأرضية والمناخية.

 

النباتات المتوطنة والمهددة بالانقراض

يمثل الغطاء النباتي في المملكة خليطا من نباتات قارتي أفريقيا وآسيا، مع وجود أكثر من ٤٠ نوعا متوطنا. وتحتل المملكة الأصل الوراثي لبعض الأنواع النباتية مثل الصبار، مما أعطى الغطاء النباتي فيها أهمية كبرى، ويوجد ضمن فلورا المملكة أكثر من ١٥٠ نباتا طبيا، وأكثر من ١٠٠ نبات صالح للأكل الآدمي، وأكثر من ١٠٠ نبات عطري، وأكثر من ٢٠٠ نبات صالح للزينة وتنسيق الشوارع، مع العلم بأن ۸۰٪ من الغطاء النباتي صالح للرعي، إضافة إلى العديد من النباتات ذات الفوائد الاقتصادية.

يعد عدد الأنواع المتوطنة في المملكة منخفضا حيث يصل عددها إلى ١٠٧ نوع (٤,٩ من إجمالي عدد الأنواع تنتمي إلى ٦٩ جنسا و ٣٤ فصيلة، بينما يبلغ عددها طبقا لكولينيت ٢٤٤ نوعا (٨, ١٠٪ من إجمالي عدد الأنواع، منها أربعة أنواع منقرضة و ١٤٧ نوعًا مهدّدة بالانقراض، جدول (۱) وبعد هذا مؤشرًا منخفضًا لتلك الأنواع، حيث يوجد نوع نباتي واحد لكل ١٨٩٣٧ كم، ويعود ذلك إلى اتساع مساحة المملكة وقلة الأنواع المتوطنة فيها، تتركز معظم الأنواع النباتية المتوطنة في المرتفعات الغربية خاصة القمم الجبلية الشاهقة المعزولة في جبال السروات والحجاز ومدين، حيث يبلغ ۸۸ نوعا (۸۲۲) من مجموع الأنواع المتوطنة في المملكة) أما وسط المملكة وشمالها وشرقها فلا يوجد فيها سوى عدد محدود جدا من الأنواع المتوطنة – يبلغ عددها ۱۹ نوعا (۱۷۷٪ من مجموع الأنواع المتوطنة في المملكة) – يوجد منها أربعة أنواع فقط في منطقة الربع الخالي ذات المساحة الشاسعة وتتركز البقية في شمال المملكة وشرقها.

الجدير بالذكر أن وفد الحديقة الملكية النباتية بأدنبرة كشف خلال محاضرة ألقيت في جامعة الطائف عام ١٤٣٠هـ عن دراسة تتعاون الحديقة في إعدادها ضمن أهداف المجموعة النباتية العربية، التي تندرج ضمن هيئة بقاء الأنواع التابعة للاتحاد العالمي لصون الطبيعة. تهدف هذه الدراسة إلى إعداد قائمة بأنواع النباتات، والقائمة الحمراء من تلك الأنواع وكذلك تحديد المناطق المهمة للنباتات بالجزيرة العربية، حيث أظهرت الدراسة وجود ٣٦٤ نباتا مهددًا بالانقراض، منها ٢٠ نوعا في مرحلة حرجة، و9 أنواع انقرضت بالفعل.

أشار الباحث ميلر – مقدم المحاضرة إلى أن المجموعة أعدت الجزء الأول من القائمة النباتية، وذلك بدعم من الهيئة السعودية للحياة الفطرية وإنمائها، كما أعدت قاعدة بيانات عن النباتات لسلطنة عمان والمملكة تحتوي – تقريبا – ٣٥٠٠ نوع من النباتات، منها ٦٩٩ متوطنة. كما أوضح أن ٧٠٪ من الأنواع النباتية تم تقييم وضعها للحماية. ويعد هذا مطلبا لاتفاقية التنوع الإحيائي التي وقعتها المجموعة مع الدول بالجزيرة العربية ومنها المملكة. وأشار ميلر إلى أن أحد أهم النباتات بالمملكة هو نوع (متوطن على مستوى الجنس) أي أنه لا يوجد في أي مكان في العالم ويواجهه خطر الانقراض، ويعرف علمياً ب (Dolichorhynchus arabicus)، وبين الباحث أهمية المحافظة على هذه النباتات ومثال ذلك نبات الصبار الذي ينمو في المرتفعات الجنوبية الغربية للمملكة، وكيف أن مجموعات من هذه النباتات تم تجميعها من الجزيرة العربية، وتم استزراعها في مناطق أخرى لاستخلاص الزيوت منها لتدر عائدا ماديا سنويا للدول التي استزرعتها يبلغ حوالي ٦٥٠٨٠ مليار دولار. وكشف ميلر في المحاضرة عن استخدام تقنية الاستشعار عن بعد في تحديد مواقع النباتات والمناطق المهمة لها، كما قدم فكرة عن برنامج المسح الحالي، وذكر أن هناك برنامجا لوضع خرائط للأنواع النباتية.

حالة النبات متوطن غير متوطن المجموع
  العدد % العدد % العدد %
غير مهدد بالانقراض 93 38.1 1414 70.5 1507 67
مهدد بالانقراض 147 60.3 574 28.6 721 32
منقرض 4 1.6 18 0.9 22 1
المجموع 244 2006 2250

جدول (1) الأنواع النباتية المتوطنة في المملكة وفقاً لكولينيت (1999 م)

طبيعة الغطاء النباتي

تتمثل طبيعة الغطاء النباتي في عنصرين مهمين هما:

  • دورة الحياة

تمثل الأنواع الحولية بالمملكة حوالي ٣٤,٨ من مجموع الأنواع النباتية، وتنمو وتكمل دورة حياتها خلال مدة قصيرة لا تتعدى العام الواحد بينما تمثل الأنواع ذات الحولين حوالي ٠٠٩٪ من مجموع الأنواع، وتعطي مجموعها الخضري في عام وتُزهر وتثمر في العام التالي. أما الأنواع المعمرة فتمثل ٣ ٦٤٪ – الغالبية العظمي من الأنواع النباتية بالمملكة، تتناقص – إجمالا – نسبة الأنواع الحولية، وتتزايد نسبة الأنواع المعمرة من شمال المملكة إلى جنوبها الغربي، وذلك لتوفر الرطوبة معظم أيام السنة، واعتدال مناخها

الذي يساعد على نموها وتكاثرها.

  • طرز الحياة:

تشكل الأشجار عددًا محدودًا من الأنواع النباتية في المملكة (٥% تقريبا من فلورا (المملكة) بينما تشكل الشجيرات أكثر من ١٥% تقريبا، وينمو معظمها في الجبال، وتزداد كثافتها في المستويات المرتفعة من جبال المنطقة الجنوبية الغربية، ولا تخلو الوديان والروضات من الأشجار، حيث تحصل تلك البيئات على كميات كبيرة من مياه الأمطار، وقد أشارت الدراسات إلى أن الغابات الطبيعية تغطي مساحة ٢,٢٩٠,٧٥٠ مليون هكتار، أما النباتات العشبية والنجيلية فتمثل حوالي ٧٠٪ من الأنواع النباتية في المملكة، وتتركز في الوديان وأماكن سقوط الأمطار. كما تمثل النباتات الرعوية نسبة عالية من الغطاء النباتي، حيث تنتشر على مساحة تبلغ حوالي ٧٥% من إجمالي مساحة المملكة.

الأنواع الغريبة الغازية

تشكل الأنواع الغريبة الغازية تهديدا للتنوع الأحيائي المحلي، وتتسبب في أضرار بيئية واقتصادية، وقد بدأت أعدادها تتزايد في الدول العربية، وتضم قوائم الأنواع الغازية ٥٥١ نوعا في البلدان العربية (IUCN/SSC/ISSG 2000)، منها ٣٥٪ أنواع غريبة، وقرابة ٥١ أنواع محلية، في حين لم تتأكد الحالة الحيوية العدد ٧٥ من الأنواع (TUCN/SSC/ISSG 2000). تشير بيانات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة الخاصة بصحة النظم الغابية والأنواع الغريبة في منطقة الشرق الأدنى إلى وجود عديد من الأنواع التي تصنف في خانة الأنواع الغازية، فعلى سبيل المثال تعد اللوسينيا (Leucaena leucocephala)، والنخيل الكناري (Phoenix Canariensis)، والغاف (Prosopis sp). أنواعا غازية بالمملكة.

تمثل الأنواع الغريبة الغازية خطرًا كبيرًا على النباتات والحيوانات المحلية، وكذلك النظم البيئية الطبيعية ومنتجاتها، كما تتسبب في أضرار مادية جسيمة كما هو الحال في سوسة النخيل الحمراء (Riynchophorus ferruginous) و (Prosopis juliflora) التي ظهرت في بعض مزارع النخيل بالمملكة.

المناطق الجغرافية للغطاء النباتي في المملكة

تقسم المملكة محليا طبقا لموقعها الجغرافية، وتكوينها الجيولوجي، وطبوغرافيتها (أي ارتفاعها عن مستوى سطح البحر)، إلى ثماني مناطق جغرافية نباتية، حيث يختلف عدد الفصائل والأجناس والأنواع النباتية وتوزيعها من منطقة إلى أخرى، وذلك تبعا للظروف الطبيعية والعوامل البشرية السائدة، ويمكن وصف هذه المناطق كالآتي:

  • السهل الساحلي الغربي

يمثل السهل الساحلي الغربي (سهل تهامة)، شريطا من الأراضي الضيقة الموازية للبحر الأحمر تحده من الشرق جبال السروات، ويمتد من الحدود اليمنية إلى خليج العقبة شمالا، بطول ١٨٠٠كم، وبعرض يتراوح بين ٤٥-٦٠ كم.

يتميز السهل بالرطوبة العالية لقربه من البحر الأحمر، ما يجعله دانا في فصل الشتاء حارا رطبا في فصل الصيف، والأمطار قليلة بصفة عامة وتختلف كمياتها من الجنوب إلى الشمال، ففي تهامة عسير جنوبا نجد أمطارا صيفية تنهال على المرتفعات، ويصاحبها سيول في الأودية المتجهة إلى السهل الساحلي وتؤثر في نوعية النباتات. أما في تهامة الحجاز شمالا فالأمطار شتوية وربيعية، وسهولها أقل من الجنوب مما يؤثر في نوعية النباتات، ويعزى الاختلاف في نوع النباتات في الشمال عنها في الجنوب إلى كمية السيول وارتفاع درجة الحرارة في الشمال.

يتركز نمو النباتات في المناطق الخصبة التي تتوفر فيها المياه نتيجة لما تجرفه السيول من المنحدرات الجبلية من العناصر الضرورية لنمو النباتات، ومن أمثلة الأنواع النباتية التي تعيش بشكل عام في السهل الساحلي الغربي الطلح والسلم، والحرمل، والسرح، والسدر. كما توجد أنواع أخرى من النباتات في الأجزاء الشمالية من السهل مثل: الموسج، والمرخ، والرطريط، والسنامكي. كما يلاحظ قلة الكثافة النباتية في الأراضي المالحة، حيث تندر الأشجار والشجيرات قرب ساحل البحر الأحمر، مع وجود أنواع قليلة من النباتات الملحية (Halophytes) منها: الضمران، والشعران، ومليح، والسليل.

  • جبال الحجاز

تشمل جبال الحجاز (سلسلة جبال السروات) سلاسل الجبال الموازية لساحل البحر الأحمر وتمتد من أطراف اليمن حتى قرب خليج العقبة شمالا، ويبلغ أقصى ارتفاع لها حوالي ٣٠٠٠م فوق مستوى سطح البحر، ويقل هذا الارتفاع كلما اتجهنا شمالاً حتى يصل إلى حوالي ٢٠٠٠م قرب مدينة الطائف ويتوالى الانخفاض إلى الشمال في غير انتظام، تختلف كمية الأمطار وتوزيعها الزمني في هذه الجبال بين المناطق الشمالية والجنوبية، حيث تهطل أمطار موسمية صيفية شتوية على مرتفعات عسير في الجنوب، بينما تقل كمية الأمطار في الجبال الشمالية خاصة في الصيف، وقد تصل درجة الحرارة في المناطق الجبلية الجنوبية إلى ٢٢ م في الصيف، وحوالي ١٠-١١ م في الشتاء، أما في الشمال فتزداد درجات الحرارة في الصيف وتقل كثيرا في الشتاء.

يتركز نحو ٧٤٪ من الأنواع النباتية في المملكة في هذه المنطقة، حيث المناخ الأكثر اعتدالا معظم أيام السنة ويقتصر وجود حوالي ٤٦ فصيلة نباتية (٪۳۰۸ من مجموع الفصائل النباتية بالمملكة) في هذه المنطقة، ومن أمثلة الأنواع النباتية التي تعيش في جبال الحجاز السلم والسيال والسمر والعرد وشوك الضب، ويتباين انتشار هذه النباتات في البيئات المحلية الصغيرة، حيث نجد الأشجار المعمرة في سفوح الجبال، بينما تزداد كثافة الغطاء النباتي في الجبال الجنوبية ذات الأمطار الغزيرة ودرجات الحرارة المعتدلة، ومن أهم أنواعها العرعر والزيتون البري والحماط، والعراد.

  • الهضاب الغربية

تقع بمحاذاة جبال الحجاز بين النفود وجبال الحجاز وتتكون من حرات (جمع حرة) وتلال متناثرة وأودية تتجه ناحية الشرق وتمتد هذه المنطقة من نجران جنوبا إلى تبوك شمالا، ويتراوح ارتفاع هذه الهضاب بين ١٠٠٠ – ١٤٠٠ م فوق سطح البحر من الجنوب إلى الشمال، والأمطار محدودة. وأهم ما يميز الموقع أن النباتات الطبيعية قليلة ومبعثرة ومعظمها من النباتات الجفافية ما عدا في بعض الأودية التي تنال نصيبها من السيول توجد بها كثافة نباتية عشبية موسمية بعد السيول، ومن أمثلة الأنواع النباتية التي تعيش في المنطقة بشكل عام السيال والسرح، والعوسج، والحرمل، والمرخ.

  • الهضبة الوسطى

تمتد هذه الهضبة من الهضاب الغربية حتى رمال الدهناء شرقا بعرض حوالي ٧٥٠كم، بينما تمتد في طولها من النفوذ شمالا حتى رمال الربع الخالي جنوبا وهي منحدرة نحو الشرق انحدارا تدريجيا، ويتراوح ارتفاعها بين ٥٠٠-١٠٠م فوق مستوى سطح البحر، وأمطارها شتوية متفرقة قد تكون غزيرة في بعض الأحيان من الأنواع النباتية التي تعيش فيها: العرفج، والثمام والربلة، والحميض. كما توجد في شرق الهضبة

أنواع نباتية مختلفة منها: النصي، والشيح والغزالة، والخزاما. أما الهضبة فجرداء من الأعشاب الموسمية سريعة النمو التي تكثر بعد سقوط الأمطار، كما تقل الأشجار المعمرة أو نعدم في بعض المناطق ماعدا في منتصف الهضبة، وفي منطقة القصيم حيث تنمو أشجار الأثل (Tamarix spp).

  • المنطقة الشرقية

تبدأ المنطقة الشرقية من منطقة الدهناء أو النفوذ غربا حتى ساحل الخليج العربي شرقا – وتمتد شمالا من الحدود السعودية الكويتية. العراقية حتى رمال الربع الخالي جنوبا، ويصل طولها إلى حوالي ٩٠٠ كم من الشمال إلى الجنوب، أما عرضها فيتراوح ما بين ٢٠٠ – ٣٠٠ كم. تتكون المنطقة من كثبان رملية وسهول منخفضة تكثر بها السبخات الملحية قرب الخليج العربي، وتقع بها واحة الأحساء المعروفة بالعيون الجوفية في قلب هذه المنطقة، وقد تم تسجيل حوالي ٥٦٥ نوعا نباتيا في هذه المنطقة، من أهمها: الضمران، والثمام، والموسج، والمرخ والرطريط، والأرضي، بينما في المناطق الجيرية نجد أنواعا نباتية أخرى أهمها: الريل والعرفج وتندر في المنطقة الأشجار المعمرة والشجيرات ومعظم النباتات إما أن تكون موسمية أو متكيفة المجابهة الجفاف والحرارة المرتفعة.

  • المنطقة الشمالية

تقع المناطق الشمالية جنوب الحدود الأردنية العراقية، وتشمل مناطق وادي السرحان شمال شرق تبوك حتى قرب العقبة غربا، ويعد منخفض وادي السرحان غنيا بالنباتات الطبيعية حيث توجد فيه أشجار معمرة وبعض النباتات الموسمية، وقد تم تسجيل ۳۰۰ نوع نباتي في هذه المنطقة ومن أهمها: الشيح، والرغل والسمح، والقيصوم، والمجرم، بصورة عامة فإن الأعشاب قليلة ومتباينة ونباتات هذه المناطق تتحمل البرودة الشديدة والحرارة الشديدة أيضا، وتقدر الأشجار والشجيرات.

  • منطقة النفوذ

منطقة النفوذ هي منطقة رملية تمتد من الشمال حيث نفوذ الدهناء إلى النفوذ في الوسط حتى نفوذ الجنوب، وتتميز بكثرة الكثبان الرملية الزاحفة، والنباتات الطبيعية قليلة جدا لتحرك الرمال وقلة المحتوى المائي في التربة الرملية، حيث توجد بعض النباتات الموسمية التي تتحمل الجفاف ودرجات الحرارة العالية، ومن أمثلة نباتات منطقة النفوذ نبات السنط – ما عدا في وادي السرحان وأغلب الأعشاب موسمية ومتناثرة.

  • الربع الخالي

الربع الخالي عبارة عن صحراء جرداء منبسطة قليلة الجبال والتلال، تمتد من الحدود اليمنية والعمانية جنوبا حتى مسافة ٧٠٠كم داخل المملكة شمالاً، ون، وتمتد من الغرب إلى الشرق بمسافة ١٣٠٠ كم حتى الحدود العمانية، وهي نادرة الأمطار، وتأتيها غالبا كل سنتين أو ثلاث سنوات مرة على شكل عواصف شديدة وفي بعض الأحيان لا تمطر لمدة تصل إلى ١٠ سنوات، يوجد في هذه المنطقة ٣٧ نوعا نباتيا فقط، منها ١٠ أنواع ذات أهمية فلورية، ومن أهم نباتاتها الثمام والأرضي، ولا توجد بها أشجار ولا شجيرات.

أخطار وتهديدات تواجه الغطاء النباتي

تعرضت الجزيرة العربية لفترات مطيرة متتالية كان آخرها منذ حوالي ستة آلاف عام، وكانت المنطقة تشبه إلى حد كبير بيئات الأراضي العشبية المدراية أراضي الأعشاب الطويلة) الموجودة اليوم في وسط أفريقيا، وكانت الجزيرة العربية في ذلك الزمن مروجا وأنهارًا وأيكات وارفة الظلال تعج بأنواع الحياة الفطرية التي تنتشر في سهولها ووديانها، وكانت هذه الأودية دائمة الجريان، وقد تكون فيها عدد من البحيرات التي نمت حولها أنواع كثيفة من النباتات يجول بينها أنواع من الحيوانات مثل: الظباء والخيول البرية والأقيال وأفراس النهر وغيرها.

كان الغطاء النباتي في عام ١٩٣٢م غنيا في كثير من المناطق، من حيث التنوع والكثافة في العديد من البيئات، حيث ما زال التوازن البيئي إلى حد ما قائما وفعالا، ومن شواهد ذلك في هذه الفترة ما ورد في تقرير البعثة الزراعية المصرية عام ١٩٤٣ م، حيث تمت الإشارة إلى وجود حوالي خمسة وسبعين كم من المسيجيد إلى المدينة بها أشجار من فصيلة الأكاسيا (فتنة، وقرظ، وسنط عربي) تبلغ مساحتها نحو عشرة آلاف فدان.

بدأت مسيرة النهضة والعمار بالمملكة وحل الاستقرار والرخاء والأمان وما تبعه من زيادة في أعداد السكان ومتطلباتهم المعيشية كما بدأ التوسع العمراني والزراعي وشق الطرق وبناء المصانع وزيادة أعداد الماشية التي يمتلكها البدو، كما توفرت لدى السكان وسائل النقل (السيارات) والصيد (بالأسلحة النارية) وقد ساعد ذلك في عملية قطع الأشجار وصيد الحيوانات الفطرية مما أدى الى اختلال النظام البيئي الهش، وواجه الغطاء النباتي الخطر، ومن أهم التهديدات والمخاطر التي واجهت الغطاء النباتي بالمملكة ما يلي: –

  • الرعي الجائر

تمثل أراضي المراعي التي تنمو عليها النباتات الرعوية الطبيعية حاليا ما يقارب ٧٦٪ من إجمالي مساحة المملكة، وهي بذلك تشكل حوالي مائة وواحد وسبعين مليون هكتار من الأراضي الرعوية، وتقدر إحصائيات وزارة الزراعة لعام ١٩٨٧/١٩٨٦م الاحتياجات الغذائية للأغنام والماعز والإبل والأبقار للقطاع التقليدي بالمملكة في حدود ۱۱,۷ مليون طن مادة جافة في السنة بينما نجد أن الإنتاجية الكلية لأراضي المراعي بالمملكة تبلغ حوالي مليون طن مادة جافة متاحة للرعي سنويا، أي أن هناك عجزا في الأعلاف المتاحة للرعي يبلغ أربعة ملايين طن مادة جافة، ما يتسبب في ظاهرة الرعي الجائر للمراعي الطبيعية – ومن ثم اتساع رقعة التصحر وانقراض العديد من الأنواع النباتية وما يتبعه من أخطار جسيمة على البيئة بصورة عامة.

  • الاحتطاب

تبلغ مساحة أراضي المراعي والغابات الطبيعية بالمملكة التي تُزال أشجارها وشجيراتها نحو ١٢٠ ألف هكتار سنويا، وذلك إما بقطعها أو بحرقها من منطقة التقاء الساق بسطح التربة أو تحليق سيقان الأشجار قرب سطح التربة ودفن مكان التحليق، وفي جميع الحالات السابقة تترك الأشجار حتى تموت، ثم تقطع وتحمل إلى الأسواق، كما قدرت أعداد الأشجار المقطوعة والمحمولة إلى أسواق الحطب في كل من مدينة الرياض والمدينة المنورة وبريدة بـ (٧٨٤٧٦) شجرة سنويا، والطلب في زيادة نتيجة لزيادة أعداد المطاعم والمطابخ التي تستخدم الفحم والحطب المحلي.

  • التوسع العمراني

إن النهضة الكبيرة التي تشهدها المملكة في الوقت الحاضر والرخاء الذي يتمتع به المواطنون تظهره الزيادة الكبيرة في مساحة المدن وذلك بزيادة العمران، فعلى سبيل المثال كانت الرياض في العقد الأول من هذا القرن بلدة صغيرة دائرية الشكل لا يتجاوز قطرها ٠,٧٥ كم، ولا يتعدى سكانها عشرة آلاف نسمة بينما وصلت مساحتها عام ١٤٠٤هـ إلى ١٦٠٠كم. إن التوسع العمراني، خاصة في المنطقة الجنوبية الغربية حيث حلت المنازل الأسمنتية محل الأشجار الطبيعية وما يتبعه من شق للطرق على حساب المدرجات الزراعية والغطاء النباتي الطبيعي، ما يشكل خطرًا كبيرًا على أفضل البيئات الطبيعية في المملكة.

  • التوسع الزراعي

كان للتوسع الزراعي الكبير الذي شهدته المملكة في العقدين الماضيين بعض الآثار السلبية على البيئات الطبيعية، إذ تقام المشروعات الزراعية غالبا – في أفضل البيئات لنمو الغطاء النباتي. كما أدى التوسع الزراعي وتوقف كثير من المشروعات الزراعية إلى تملح تربة العديد من المناطق وانتشار الحشائش (النباتات غير المرغوب فيها) ودخول نباتات منافسة للنباتات المحلية، ومن ثم اختفاء العديد من الأنواع النباتية وتدمير البيئات الطبيعية المثلى لنمو النباتات البرية.

  • حرائق الغابات

زادت حرائق الغابات في المملكة في السنوات الأخيرة سواء أكانت الحرائق المتعمدة أم غير المتعمدة بسبب تعاقب سنوات الجفاف، وأدى ذلك إلى تدمير مساحات شاسعة من الغابات والأعشاب وتعري سفوح الجبال من غطائها النباتي، ومن ثم انجرف التربة، وعدم صلاحيتها لنمو غطاء نباتي فيها مرة أخرى.

  • تهديدات أخرى

يتعرض الغطاء النباتي – إضافة إلى ما سبق ذكره إلى العديد من الأخطار والتهديدات الأخرى، وإن كانت أقل ضرراً مثل: زحف الرمال والتلوث البيئي، وشق الطرق، والمشروعات التنموية خاصة في المناطق ذات الغطاء النباتي. الجيد، مثل: سفوح الجبال، والرحلات البرية المنظمة، والحركة العشوائية للسيارات في مناطق نمو النباتات ذات الفوائد الاقتصادية أو الطبية مثل الأراك، والصدر، والخزامي غير والشيح، والبعيثران، وغيرها من النباتات ذات الفوائد الطبية والاقتصادية.

حقوق النشر: محفوظة لمجلة العلوم والتقنية، مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية.

مصدر الصورة: https://www.flickr.com/photos/66543362@N00/2518858606

المراجع

  • العودات، محمد عبدو، عبد السلام محمود عبد الله عبدالله محمد الشيخ الأنصاري ١٩٩٧م. الجغرافيا النباتية
  • (الطبعة الثانية). مطابع جامعة الملك سعود الرياض. النافع عبد اللطيف حمود ٢٠٠٤م. الجغرافيا النباتية للملكة العربية السعودية. مكتبة الملك فهد الوطنية، الرياض. شلتوت كمال حسين، ۲۰۰۲م علم البيئة النباتية. المكتبة الاكاديمية، الدقي، الجيزة، مصر.
  • Collenette, S. 1999. Wildflowers of Saudi Arabia. National Commission for Wildlife Conservation and Development (NCWCD). Riyadh.
  • Migahid, A. 1988. Flora of Saudi Arabia. 3rd ed. 3 Vols. King Saud University.
  • Takhajan, A. 1986. Floristic Regions of the World. (Translated by Theodore J. Crovello), Berkely, Los Angeles, University of California Press, London.
  • Zohary, M. 1973. Geobotanical foundations of the Middle East, 2 vols. Gustav Fischer Verlag, Stuttgat.
  • http://faculty.ksu.edu.sa/Alfarhan/Pages/Arabic Paper-1.aspx.
  • ksu.edu.sa/Alfarhan/Pages/Arabic Paper-2.aspx.
  • cedare.int/report/chapteró.pdf
  • -ksu.edu.sa/Aref/Documents/القحطاني%20رسالة.pdf.

 

مقالات ذات صلة