طبيعة السعودية

السياحة البيئية في المملكة

السياحة البيئية في المملكة
نيوم

السياحة البيئية

د. سعيد بن محمد باسماعيل

يعد قطاع السياحة من أكثر المهن نموا في العالم، وأكثر القطاعات في التجارة الدولية، فهو قطاع إنتاجي يلعب دورًا مهما في زيادة الدخل القومي وتحسين ميزان المدفوعات، ومصدر للعملات الصعبة وفرصة لتشغيل الأيدي العاملة، وهدف لتحقيق برامج التنمية.

تعرف السياحة البيئية (ECO-Tourism) أو السياحة الطبيعية بالترفيه والترويح عن النفس عن طريق توظيف البيئة من حولنا، والاستمتاع بكل شيء طبيعي يوجد من حولنا في البيئة البرية أو البحرية وقد عرفها الصندوق العالمي للبيئة بأنها السفر إلى مناطق طبيعية لم يلحق بها التلوث ولم يتعرض توازنها الطبيعي إلى الخلل، وذلك بهدف الاستمتاع بمناظرها ونباتاتها وحيواناتها البرية وحضاراتها في الماضي والحاضر، وتكون هذه السياحة مسؤولة بينيا، بحيث تروج للمحافظة على الموقع الطبيعي، وتحدث أقل قدر من الضرر ممكن على الطبيعة ومواردها.

كذلك تعد السياحة البيئية عاملا لجذب السياح وإشباع رغباتهم من حيث زيارة الأماكن الطبيعية المختلفة والتعرف إلى تضاريسها والحياة الفطرية، وزيارة المجتمعات المحلية والتعرف إلى عاداتها وتقاليدها، والاستمتاع بالطبيعة والتراث الثقافي المحلي، والحفاظ عليهم في آن واحد، كذلك تساهم السياحة البيئية في المحافظة على الإرث الوطني الطبيعي والثقافي ومشاركة السكان المحليين ومساهمتهم في تخطيط المشروعات وتطويرها، وتعمل على تخفيف النزوح السكاني نحو المدن الكبرى، يتمتع السائح بالمشي أو ركوب الحيوانات والقوارب في المناطق الطبيعية مع مرشدين لشرح مظاهر البيئة الطبيعية من نبات وحيوان والموجودة في المحميات الطبيعية ذات الشهرة العالمية في كل بلد. وتسعى السياحة البيئية إلى تلبية حب استطلاع السياح على حياة البادية والحضر، وهذه يمكن أن توفرها مخيمات دائمة أو مؤقتة مزوّدة بدورات مياه نظيفة، ومطاعم جيدة يمكن استخدامها من الشباب والعائلات خاصة بعد موسم سقوط الأمطار، حيث تكثر الأزهار والأعشاب من الضروري توفير خرائط لتوضيح طرق الوصول لتلك المناطق، وتزويدها بالخدمات الضرورية كخدمات المياه والنظافة ومراكز الإسعافات الأولية، وتأكيد الاهتمام بالنظافة، وعدم التعدي على النباتات والحيوانات الفطرية.

يعد المعماري المكسيكي وخبير الاتحاد العالمي لصون الطبيعة (IUCN) هکتور سباللوس لاسكوراين أول من أطلق مصطلح «السياحة البيئية، وذلك في عام ۱۹۸۳م، ومنذ ذلك الحين طور خبراء عديدون من منظمات دولية عديدة كالاتحاد العالمي لصون الطبيعة ومنظمة السياحة العالمية مفهوم السياحة البيئية ووضعوا شروطا لها، وقد أعلن في عام ٢٠٠٢م بمدينة كوبيك في كندا عن إعلان السياحة البيئية، حيث اتفق فيه المشاركون على دعم السياحة البيئية والحفاظ على استدامتها ووضع العديد من الشروط التي تتطلبها.

يلاحظ زيادة الطلب على هذا النوع من السياحة؛ حيث تعد الأسرع نموا، إذ تنمو بمقدار ١٠-١٥ % من إجمالي الإنفاق السياحي العالمي ووفقا لتقديرات منظمة السياحة الدولية فقد خرج حوالي ٣٠ مليون سائح دولي (أو ما يعادل ٥ % من تعداد السياح) برحلات سياحة بيئية.

الأنشطة المرتبطة بالسياحة البيئية

من أهم الأنشطة التي ترتبط بالسياحة البيئية ما يلي: –

  • صيد الحيوانات والأسماك والطيور المسموح بصيدها.
  • تسلق الجبال والهضاب
  • ممارسة الرياضات المائية.
  • تأمل الطبيعة البيئية واستكشاف كل ما فيها.
  • التجول في الغابات ومراقبة الطيور وسلوك الحيوانات.
  • استكشاف الوديان والجبال، والهضاب، والمغارات، والدحول.
  • إقامة المعسكرات البيئية
  • الخروج برحلات السفاري والصحراء.
  • تصوير الطبيعة البيئية ومحتوياتها.
  • الغوص بالأجهزة وبآلات التصوير تحت الماء في الأماكن التي تنفرد بأنواع الشعاب المرجانية والأحياء المائية المختلفة في البحر الأحمر والخليج العربي والجزر المنتشرة في المياه الإقليمية.
  • زيارة مواقع التنقيب الأثرية، والتجول فيها.
  • الحماية من انتشار الأمراض والتقليل من السمنة والضغوط النفسية، إضافة إلى المتعة النفسية والتمتع بصحة جيدة.

السياحة البيئية والتوازن البيئي

يعد عدم إحداث الإخلال بالتوازن البيئي أهم عنصر تقوم عليه السياحة البيئية، ويحدث عدم التوازن البيئي نتيجة لتصرفات السائح في حال تحركه وتنقله في تلك المناطق البيئية، وما قد تحدثه هذه التصرفات من تلوث للبيئة أو تغيير لها، بناء عليه يجب الاهتمام بالتنمية المستدامة (Sustainable Development) لتلك البيئة، كونها تعد إحدى الوسائل للارتقاء بالإنسان، وأن لا تؤثر تلك التنمية في استنفاد موارد البيئة وإيقاع الضرر بها وإحداث التلوث فيها.

تقوم السياحة البيئية الإيجابية على إبراز المعالم الجمالية للبيئة، فكلما كانت البيئة نظيفة وصحية كلما ازدهرت السياحة وانتعش الاقتصاد. وعلى العكس قد تشكل السياحة البيئية غير المقننة مصدرا رئيسا من مصادر التلوث البيئي، وذلك عندما لا يتحقق التوازن بين السياحة والبيئة من ناحية، وبينها وبين المصالح الاقتصادية والاجتماعية من ناحية أخرى.

في دراسة لـ ١٣٩ خليجيا اشتركوا في رحلة سفاري» للصحاري الواقعة من ناحية الشرق إلى محافظة الأحساء، اتضح أن «السياحة البيئية، وما تتخلله من رحلات سفاري»، هي الوجهة السياحية الأكثر إقبالا في المستقبل القريب داخل صحارى المحافظة المترامية الأطراف، لما تتضمنه من باقات ترفيهية متنوعة داخل الصحراء، ومنها اكتشاف البر والتعرف إلى جماليات الحياة الصحراوية، مؤكدين أنها مواقع مناسبة للمرح والتشويق بأشكاله كافة، وقد امتدت رحلة هؤلاء الشباب لأكثر من ١١ ساعة متواصلة داخل الصحراء، بمشاركة 6 طائرات شراعية تابعة للطيران الشراعي في المنطقة الشرقية، حيث أدت هذه الطائرات استعراضات جوية في سماء الصحراء، نالت إعجاب الجميع تم خلالها الاستمتاع بكثير من المعالم السياحية والحياة البرية الجميلة، ومشاهدة العديد من الحيوانات والطيور المهاجرة، والبحيرات المائية والتراث البدوي الأصيل، وترقب مشهدي: غروب الشمس وشروقها.

السياحة البيئية في المملكة

تمتلك المملكة العربية السعودية إمكانات سياحية بيئية متعددة من أهمها:

  • مشاهدة الطيور المهاجرة

حبا الله المملكة العربية السعودية بيئة جاذبة لكثير من الطيور المهاجرة من أقطار العالم كافة في المجال السياحي، وتشارك المملكة العالم في الاحتفاء باليوم العالمي للطيور المهاجرة، حيث تعد الهيئة السعودية للحياة الفطرية برنامجا توعوياً متكاملاً به لا بهذه المناسبة كل عام تلقي فيه الضوء أهمية المحافظة على الطيور المهاجرة وتأكيد أهمية الترابط بين الحفاظ عليها ودورها على في تنمية السياحة والمجتمعات المحلية وأهميتها في الحفاظ على التوازن البيئي للنظم البيئية التي تقع في مسارات هجرتها ومحطات توقفها للتزود بالغذاء أثناء الهجرة ذهابا وإيابا، وتأتي تلك المشاركة حرصًا على الحفاظ على الحياة الفطرية وبيئاتها الطبيعية في ربوع المملكة، إلى جانب ما تبذله من جهود كبيرة للحفاظ على التنوع الأحيائي على المستوى الإقليمي والدولي التي تأتي في إطارها الطيور المهاجرة بما يحقق المحافظة عليها لمنفعة الأجيال الحالية والقادمة كون الطيور المهاجرة تعد أحد المؤشرات البيئية الهامة التي تدل على مدى سلامة النظم البيئية حول العالم. ومن هذا المنطلق انضمت المملكة إلى معاهدة المحافظة على الأنواع الفطرية المهاجرة CMS، عام ١٤١٠هـ، وهي عضو فاعل فيها كون مسارات هجرة العديد من أنواع الطيور المهاجرة تعبر خلال أراضيها. جدير بالذكر أن الاحتفال باليوم العالمي للطيور المهاجرة بدأ منذ العام ٢٠٠٦م، بفرض التوعية بالمخاطر التي تتعرض لها حول العالم خلال هجرتها، وهو ما قد يجعلها عرضة للعديد من الأخطار الناجمة عن الأنشطة البشرية كعمليات الصيد الجائر والاستخدام غير المرشد للأراضي، والتلوث بأنواعه.

  • السياحة الزراعية

هناك توصيات قوية بمنح تراخيص للمشروعات السياحية الزراعية للحيازات التي تزيد مساحتها على ٥٠٠٠ متر مربع. ومن أمثلة ذلك واحة الأحساء التي تعد أكبر واحة نخيل في العالم، فهي تمتلك عددا ضخما من المزارع والمنتجعات الزراعية والاستراحات كما لاتزال مزارع الواحة تحتضن فلاحين حقيقيين يمارسون مهنة الفلاحة، مبينا أن السياحة الزراعية نمط سياحي هام يتطلب تفاعل جميع جهات المجتمع ومكوناته ومشاركتها.

  • السياحة الصحراوية

حبا الله المملكة العربية السعودية مناطق صحراوية خلابة يندر وجودها في بلدان كثيرة، حيث تغطي الصحاري رقعة كبيرة من مساحتها الجغرافية، وهنا تبرز أهمية استثمار ذلك في قطاع السياحة الصحراوية، خاصة تلك الكثبان الرملية القريبة من الرياض والأحساء، إضافة إلى صحاري الربع الخالي والدهناء والتي مثلت عشق الرحالة من جميع أنحاء العالم، ومن المعلوم أن منظمة السياحة العالمية أقرت بأن الصحاري تتمتع بإمكانية كبيرة لتنمية السياحة البيئية، وتحتاج إلى تفعيل لكي تدرّ أموالاً، وتوفر فرص عمل موسمية عبر تحويل تلك الصحارى إلى منتجات سياحية، مثل تشجيع حب المغامرة والاستكشاف والتعرف إلى الحيوانات والنباتات، إضافة إلى ركوب السيارات والتزلج على الرمال، والتخييم.

  • السياحة المائية

حبا الله المملكة بالعديد من الجزر والشواطئ الرملية الجميلة والشعب المرجانية الخلابة على كل من البحر الأحمر والخليج العربي، والعديد من العيون والوديان والسدود المائية التي يمكن استغلالها في نشاطات سياحية كالسباحة والغوص وصيد السمك ومراقبة البيئة البحرية والتخييم على الشواطئ، والغوص بالأجهزة وبآلات التصوير تحت الماء في الأماكن التي تنفرد بأنواع الشعاب المرجانية والأحياء المائية المختلفة.

  • سياحة متنوعة

تشمل هذه السياحة الوديان والسهول والمحميات الطبيعية والمنتزهات الوطنية والمزارع المنتشرة في كثير من مناطق المملكة، خاصة في الطائف وأبها. لنجاح مثل هذه السياحة، لا بد من وجود شراكة بين الجهات الحكومية لتوفير البنية الأساسية، ووضع الأنظمة والتشريعات لدعم المتنزهات الوطنية التابعة للدولة، وكذلك تشجيع القطاع الخاص بالاستثمار وتحويل المشروعات الزراعية إلى متنزهات برية ومواقع تنزه اقتصادية، إضافة إلى تقديم الدعم للمهرجانات التي تعزز التراث الثقافي في المملكة، وتقديم برامج ومنتجات جديدة لجذب الشباب، ودعم ترميم التراث العمراني وبرامج الحرف اليدوية المرتبطة بسكان المناطق السياحية الصحراوية، وكذلك وجود منظمي رحلات سياحية، وهنا تبرز أهمية تهيئة بعض المواقع السياحية والتراثية والتاريخية، مع تأكيد المحافظة على النظام البيئي حرصا على استدامتها، ودعم برامج الرحلات السياحية لهذه الوجهات، وتشجيع الرياضات البيئية كالراليات والمسابقات المرتبطة بها كالتزلج على الرمال، وتسلق الجبال والنخيل، ورحلات قوافل الإبل أو الخيل والحمير، ورياضة السير على الأقدام في الطرق الصحراوية والجبلية ورحلات السفاري على السيارات، والطائرات الشراعية والمناطيد الجوية.

الآثار السلبية للسياحة البيئية

رغم وجود آثار إيجابية للسياحة البيئية، إلا أنه قد تظهر آثار سلبية ممثلة في:

  1. تزايد إعداد السياح، ما يمثل من عبء على مرافق الدولة من وسائل نقل، وتوفير فنادق وخدمات كهرباء مياه اتصالات في تلك البيئة محدثة خللا قد يصعب تلافيه على المدى القريب.
  2. إحداث تلفيات لبعض الآثار بسبب سوء تصرفات بعض السياح.
  3. الإضرار بالأسماك النادرة أو الشعاب المرجانية بسبب بعض الرياضات البحرية التي يقوم بها السياح.
  4. حدوث زيادة لتلوث مياه البحار والأنهار نتيجة لتصريف من مياه المجاري فيها.
  5. ازدياد تلوث الغلاف الجوي بسبب عوادم السيارات والمصانع.
  6. انتشار القمامة والفضلات فوق تلك المناطق ما يعيق من الاستمتاع برياضة التسلق والمشي، بسبب كثافة المرتادين للمناطق السياحية.

الكوارث الطبيعية والسياحة البيئية

يتأثر عدد السكان وتتدهور بيئتهم بسبب الكوارث الطبيعية، مثل الاهتزازات والزلازل والأمطار والسيول، والعواصف والرياح والانهيارات الأرضية، وكثير من التغيرات / المناخية (كالتغير في درجات الحرارة، والرطوبة والأمطار، أو نبض المياه الجوفية وتقوم هذه = الكوارث بإتلاف المناطق السياحية والأثرية محدثة تلوث التربة وتلوث الهواء، وتلوث المياه الانفجارات النووية، والزحف العمراني، وظهور وسائل الصرف الصحي غير المتقدمة.

 

حقوق النشر: محفوظة لمجلة العلوم والتقنية، مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية.

المراجع

  • جريدة الرياض – الجمعة ١٠ رجب ١٤٣٥هـ: المملكة تشارك العالم في الاحتفاء باليوم العالمي للطيور المهاجرة.
  • جريدة عكاظ – الجمعة ١٤٢٥/٠٧/٠٣هـ – ٢- مايو ٢٠١٤ م العدد: ٤٧٠٢ (تصريح الأمير بندر بن سعود: إبادة الكائنات الفطرية إرهاب يئي وسلوك مخالف).
  • جريدة الوطن (الأحد ١٤٢٥/٦/٢٧هـ) ١٣٩ خليجيا يستكشفون السياحة البيئية، في صحارى الأحساء.
  • جمعية الفيوم لتنمية الزراعات العضوية.
  • ويكيبيديا، الموسوعة الحرة – سياحة بيئية.
  • https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%AD%D8%A9_%D8%A8%D9%8A%D8%A6%D9%8A%D8%A9
  • Natural Environments and Human Health; Edited by Alan Ewert, Indiana University, USA, Denise Mitten, Prescott College, USA and Jill Overholt, Warren Wilson College, USA, April 2014/HB/248 pages.

 

مقالات ذات صلة