طبيعة السعودية

البرمائيات في بيئات المملكة

البرمائيات في بيئات المملكة
العلجوم الأخضر

ظهرت البرمائيات (Amphibians) منذ حوالي ٣٥٠ مليون سنة، وهي حيوانات فقارية توجد في جميع قارات العالم، إلا أنها تكاد تنعدم في المناطق القطبية وبعض الصحاري شديدة الجفاف، ويعيش ٥٤% منها في المناطق الاستوائية.

أ. عبد الله بن سعيد الشمراني

تعيش البرمائيات دورة حياة مزدوجة في البر والماء، ومن هنا اشتقت تسميتها بهذا الاسم، حيث تبدأ حياتها عند تفقيس البيض في الماء، وخروج اليرقات (Tadpoles) التي تتنفس بالخياشيم، وبمرور الوقت تصل اليرقات لمرحلة البلوغ، حيث تفقد ذيلها وتنمو أطرافها الخلفية – بعد عدة أسابيع إلى أشهر – متبوعة بأطرافها الأمامية، ومن ثم تتنفّس برئتيها مستخدمة أطرافها الأربعة للتنقل من مكان لآخر على سطح اليابسة.

الصفات العامة

تمتلك البرمائيات العديد من الصفات الشكلية (المورفولوجية)، والتركيبية (الفسيولوجية)، التي مكنتها من التكيف بنجاح مع التغيّرات المناخية السائدة عبر العصور المختلفة التي عاشت خلالها، ومن أهم هذه الصفات ما يلي:

١- الجسم مغطّى بجلد رقيق، ناعم، رطب، لزج الملمس نتيجة إفرازات الغدد المخاطية المنتشرة عليه، حيث تحافظ هذه الإفرازات على رطوبته، ويتركب الجلد من بشرة خارجية وأدمة داخليّة، ويعمل على تسهيل هروب البرمائيات من المفترسات.

۲- متغيّرة درجة الحرارة (Poikilothermic)، أي تتبع درجة حرارتها درجة حرارة الوسط المحيط بها ارتفاعًا أو انخفاضًا.

3- لها فتحتا أنف خارجيّتان، وعينان مزوّدتان بجفون متحركة، وأذنان دون صيوان.

4- تمر خلال دورة حياتها بظاهرة البيات الشتوي (Hibernation) في فصل الشتاء، حيث تختبئ ولا تتحرّك، ويتوقف عندها التنفس الرّئوي، وتتنفّس من خلال جلدها، وتعتمد على الغذاء المخزن في جسمها للحصول على الطاقة اللازمة لاستمرار حياتها.

5 – قلبها مكوّن من ٥ حجرات (أذينان، وبطينان، وجيب وريدي).

٦- تتنفّس عبر الخياشيم في الأطوار الجنينية المبكرة التي تختفي بالتدريج في مرحلة البلوغ

فيتم التنفس عبر الرئتين والجلد.

7- جهازها العصبي مكوّن من 10 أزواج من الأعصاب المخيّة.

8- يتم الإخصاب فيها إما خارجيًا في العلاجيم والضفادع أو داخليًا كما في السلمندرات والبرمائيات عديمة الأرجل، وتضع البرمائيات البيض غير المغطّى بقشرة، لذا يجب وضعه في مكان رطب حتى لا يجف، كما أن الأجنة غير محاطة بأغشية جنينية للحماية من الجفاف، ولذلك تسمى البرمائيات اللارهليات (Anamnoitics).

٩ – ينقسم التجويف الداخلي للجسم (السيلوم) إلى: التجويف البريتوني (البطني)، والتجويف التاموري المحيط بالقلب.

تصنيف البرمائيات

تصنف البرمائيات إلى نحو ٦٣٤٧ نوعًا، موزّعة – جغرافيًا – في مختلف مناطق العالم، وقد تم حديثًا اكتشاف أنواع جديدة وتسجيلها، منها: ٢0٥ نوعًا عام ٢٠١٠م، و١٤٨ نوعًا عام ٢٠١١م، ونحو ١٩٢ نوعًا عام ٢٠١٢م، إضافة إلى ١٥١ نوعًا عام ٢٠١٣م.

قسم العلماء البرمائيات إلى ثلاث رتب هي:

  • عديمة الأطراف

تضم رتبة عديمة الأطراف (Apoda) نحو ١٧٤ نوعًا يندرج تحتها ٥ عوائل، وتضم ٣٣ جنسًا، وتشمل البرمائيات الديدانية – عديمة الأرجل – التي تشبه ديدان الأرض، وتتميز بأعين صغيرة، وليس لها ذيل، ويعيش أغلبها في الجحور، وقليل منها فوق سطح التربة. تنتشر هذه الرتبة في المناطق الاستوائية حول العالم، ولا يوجد منها أي نوع في المملكة.

  • الذيليات

تمثل رتبة الذيليّات (Urodela) البرمائيات التي لها ذيل وأطراف أمامية وخلفية، وتشمل: سمندلات الماء (Newts)، والسلمندرات (Salamanders). وينتمي إلى هذه الرتبة ٥٧١ نوعًا تعيش في بيئات مختلفة في الجحور، وعلى أغصان الأشجار، وتوجد في شرق وغرب أمريكا الشمالية، وفي المناطق المعتدلة من أوروبا وآسيا بينما لا توجد في قارة أفريقيا، ولا يوجد منها أي نوع في المملكة.

  • اللاذيليات

اللاذيليات (Anura) هي برمائيات عديمة الذيل – مثل الضفادع (Frogs)، والعلاجيم (Toads)- وتمتلك الذيل فقط في المرحلة اليرقية، وتفقده عند البلوغ، ومن ثم تتكوّن الأطراف الأمامية والخلفية، تمتاز الضفادع والعلاجيم بأطرافها الخلفية القوية المهيأة للقفز والأعين البارزة مع وجود كيس الصوت في الذكور. يوجد تحت هذه الرتبة نحو ٣٨ عائلة يندرج تحتها ٥٣٢ جنسًا تنقسم إلى ٥٦٠٢ نوعًا، ويوجد معظمها في المناطق الاستوائية، ومن أهم هذه العوائل: العلاجيم (Bufonidae)، والضفادع الحقيقية (Ranidae)، والضفادع الشجرية (Hylidae).

برمائيات المملكة العربية السعودية

يندر وجود البرمائيات في المملكة بسبب البيئات المائية العذبة التي تحتاج إليها هذه الحيوانات، خاصة في فصل التكاثر، وتنحصر الأنواع البرمائية الموجودة في ٣ عوائل، تندرج تحتها أنواع، تتبع رتبة اللاذيليّات، تنتمي إلى عوائل كل من: العلاجيم (٤ أنواع)، والضفادع الشجرية (نوع واحد)، والضفادع الحقيقية (نوعان) ويقتصر وجود هذه الأنواع من البرمائيات في المملكة على المنطقتين: الشرقية، والجنوبية الغربية، ففي المنطقة الشرقية – تحديدًا الأحساء والقطيف – تتوفر العيون المائية وقنوات الري التي تمثل موطنًا مناسبًا لدورة حياة هذه الحيوانات، أما في المنطقة الجنوبية الغربية فتكثر الوديان شبه الدائمة والبيئات الجبلية التي تتوفر بها بيئات مائية عذبة، وتشترك هذه الأنواع في التكاثر والتغذية، فهي تضع البيض، وتتغذى على اللافقاريات الصغيرة.

يمكن توضيح أنواع عوائل البرمائيات الثلاثة الموجودة في المملكة على النحو الآتي:

  • عائلة العلاجيم

تندرج العلاجيم الحقيقية تحت عائلة العلاجيم (Bufonidae)، وهي برمائيات مشابهة للضّفادع في الشكل الخارجي إلّا أنّها تختلف عنها في بعض الخصائص الآتية:

– يكسوها جلد جاف خشن الملمس، تظهر عليه ثآليل بخلاف جلد الضفادع الرطب ناعم الملمس.

– أحجامها أكبر من الضفادع، وأطرافها الخلفية أقصر وأضعف.

– لها غدد نكافية سامة (Parotoid Glands) توجد خلف الأعين تستخدمها في الدفاع عن نفسها ضد المفترسات الطبيعية.

يوجد من عائلة العلاجيم في المملكة أربعة أنواع هي:

العلجوم الأخضر (Green Toad):

واسمه العلمي (Bufo viridis) – يسمى بالعلجوم الأوروبي (Europian toad) – وتعود تسميته بهذا الاسم إلى وجود بقع خضراء في الناحية الظهرية وبقعة خضراء كبيرة تحت العينين إضافة إلى زوج من الأشرطة الخضراء على الجفون العلوية للعينين، وتنتشر على جلده نتوءات بارزة، وهو متوسّط الحجم، ويصل متوسط طوله إلى نحو ۷۸ ملم، ويوجد هذا العلجوم بالمملكة في منطقتي حائل وعسير (مرتفعات السودة والنماص).

العلجوم العربي (Arabian Toad):

وسُمّي بذلك لكثرة انتشاره في المنطقة العربية ومنها المملكة العربية السعودية التي يوجد بها في عدة مناطق، منها: النماص، وأبها، وشمال منطقة مكة المكرّمة، والمناطق الجبلية الممطرة، والمناطق قليلة الأمطار. ويمكن للعلجوم العربي تحمل ظروف الجفاف لفترات طويلة، وحجمه متوسط، ولونه رمادي مبقع ببقع صغيرة غير منتظمة، وأطرافه نحيلة وطويلة.

علجوم ظفار (Dhofar Toad):

وسُمّي بهذا الاسم نسبة إلى ظفار بسلطنة عمان ويوجد في المملكة في المنطقتين الجنوبية الغربيّة، والوسطى، وهو صغير الحجم، ويصل طوله إلى حوالي 1 سم، ويتلوّن ظهره بلون أصفر إلى رمادي باهت اللون مائل للحمرة، فضلًا عن وجود نتوءات مميّزة بجلده. يعيش علجوم ظفار في البيئات الجافة، أما في فصل الصيف فيحفر لنفسه حفرة في الأرض ويبقى فيها.

علجوم تهامة (Tihama Toad):

وسُمِّي بهذا الاسم لكثرة وجوده في منطقة تهامة حيث يعيش على امتداد ساحل تهامة غرب المملكة من جنوب منطقة جازان حتى شمال الليث جنوب منطقة مكة المكرّمة، وجسمه ممتلئ وذو لون بني ممزوج ببقع سوداء من الناحية الظهرية، أمّا الناحية البطنية فهي بيضاء اللون، والأطراف قصيرة تنتهي بأصابع سميكة.

  • عائلة الضفادع الشجرية

سميت عائلة الضفادع الشجرية (Hylidae) بهذا الاسم لأنها تعيش على الأشجار، وتتميز بأجسام نحيلة وأطراف رفيعة ذات أصابع طويلة مزوّدة في أطرافها بلبادات لزجة الملمس تساعدها على الالتصاق على جذوع الأشجار. يمثل الضفدع الشجري (Tree Frog) النوع الوحيد من الضفادع الشجرية في المملكة – يسمى بالضّفدع الليموني الأصفر (Lemon-Yellow Tree Frog) – ويستوطن مرتفعات السروات قرب مدينة الطائف وعلى امتداد الجنوب حتى منطقة عسير، وهو صغير الحجم حيث يصل طوله إلى حوالي ٥ سم من الأنف إلى المؤخّرة، ولون جسمه أخضر لامع مع وجود خطوط سوداء وبيضاء تمتد على الأطراف الأماميّة والخلفيّة. ويفضّل هذا الضّفدع البيئات المائيّة الدّائمة وشبه الدائمة، ويضع بيضه على هيئة كتل عنقودية دائرية أو نصف كروية.

  • عائلة الضفادع الحقيقية

تعد ضفادع عائلة الضفادع الحقيقية (Ranidae) الأكثر انتشارًا على مستوى العالم؛ حيث توجد في مختلف قارات العالم ما عدا القطب الجنوبي، وجلدها رطب ناعم وأطرافها طويلة وقوية، وتتميّز ذكورها – عن إناثها – بوجود كيس الصوت للنداء في موسم التزاوج. يوجد منها في المملكة نوعان هما:

ضفدع البرك (Pond Frog):

واسمـه العلمي (Rana ridibunda)، وهو متوسط الحجم، ويصل طوله إلى ٨٧ ملم من الأنف إلى المؤخرة، ولــون جسمه بنّي ممزوج مع الأخضر، مع انتشار البقع السوداء في الناحية الظهرية، أما الناحية البطنية فهي بيضاء اللون مائلة للصفرة.

ينتشر ضفدع المستنقعات بشكل واسع في المنطقة الشرقية من المملكة حيث يوجد في واحات الأحساء والقطيف والهفوف، كما يوجد في وسط المملكة – الخرج – إضافة إلى وجوده في جنوب غرب المملكة على امتداد سلسلة جبال السروات في النماص والسودة وأبها والباحة.

الضفدع الرشيق (Skipper Frog):

ويعد من أكثر البرمائيات انتشارًا في المنطقة الجنوبية الغربية من المملكة، وينتشر في منطقة تهامة من جنوب منطقة جازان جنوبًا حتى شمال منطقة الليث، ويمكن رؤيته في الأودية المائية دائمة الجريان وشبه الدائمة.

يتميّز هذا الضّفدع ببنية قوية ممتلئة مع أطراف خلفيّة طويلة وقوية – عكس الأطراف الأمامية القصيرة – لذلك يمكنه القفز برشاقة على سطح الماء بشكل متكرّر خاصة عند هروبه أو خوفه من المفترسات، ولون جسمه أخضر زيتوني مع وجود بقع سوداء من الناحية الظهرية، أمّا الناحية البطنية فهي بيضاء اللون.

المهدّدات البيئية للبرمائيات في المملكة

تُصنف البرمائيات في المرتبة الأولى – على مستوى الكرة الأرضية – من ناحية التعرّض للمهددات البيئية مختلفة المصدر، حيث بات تناقصها يزداد وتيرة بشكل متسارع مما يجعل قرابة ۳۲٫٥% منها عرضة للانقراض.

الجدير بالذكر أن البرمائيات حيوانات حسّاسة جدا للملوّثات، ولذلك فإن العلماء يستخدمونها في العديد من الدول كمؤشر حيوي هام للتلوّث البيئي والتغيرات البيئية الطبيعية.

تعد الأشعة فوق البنفسجية من أهم الملوثات التي تتعرض لها البرمائيات على مستوى العالم – وذلك بسبب الأنشطة البشرية الجائرة المتمثلة في إزالة الأشجار والمسطحات العشبية مما أدّى إلى انكشاف العديد من المواطن البيئية التي تعيش فيها تلك البرمائيات.

بالإضافة إلى تأثير الأشعة فوق البنفسجية، فإنّ البرمائيات في المملكة تتعرّض لعدة عوامل أخرى تهدّدها بالخطر والانقراض تتمثل فيما يلي:

– رش البرك والمستنقعات والأحواض بالمبيدات الحشرية (Insecticides) بهدف القضاء على جميع أنواع البعوض التي تتكاثر بها، ومثال ذلك ما يحدث في بيئات البرمائيات جنوب غرب المملكة.

– سحب كميات كبيرة من مياه الجداول المائية الجارية – مناطق وجود البرمائيات – لاستخدامها في الأنشطة الزراعية وسقي الماشية والاستعمالات اليوميّة الأخرى، ومن ثمّ استنزافها، وقد لوحظ ذلك في وادي تربة بغرب المملكة.

– التخلص من المخلفات الصلبة والنفايات الصناعية في البيئات التي توجد فيها البرمائيات في عيون بعض المزارع بالمنطقة الشرقية والسدود في جنوب غرب المملكة.

– جفاف عدة مناطق مائية، وانخفاض معدل هطول الأمطار – في العقدين الماضيين – في معظم أنحاء المملكة ومنها المنطقتين: الشرقية وجنوب غرب المملكة، مؤديًا إلى انحسار وجود البرمائيات في تلك المناطق.

الأهمية البيئية والاقتصادية للبرمائيات

للبرمائيات عدة فوائد بيئية واقتصادية من أهمها:

– المساعدة في التوازن البيئي من خلال تغذيتها على الحشرات ويرقاتها مما يساهم في التحكّم في أعدادها، والحد من زيادتها عن الوضع الطبيعي، ومن ثم المحافظة على المحاصيل الزراعية والفاكهة من التلف، ومن ثمّ قلّة خسائرها.

– الاستفادة من الإفرازات الكيميائية لجلود الضفادع في صناعة العديد من المركبات الكيميائية لاستخدامها في صناعة المستحضرات الطبية لمعالجة الحروق والأزمات القلبية.

– غذاء لبعض شعوب العالم.

خاتمة

مما سبق، فإنه يجب على صناع القرار في المملكة وضع حلول عاجلة لإنقاذ هذه الحيوانات من الانقراض، وذلك بتوعية المواطنين وإرشادهم إلى أهميتها في الحفاظ على التوازن البيئي للمناطق التي تستوطنها في المملكة.

حقوق النشر: محفوظة لمجلة العلوم والتقنية، مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية.

المراجع

– التنوع البرمائي في الأراضي الرطبة للمنطقة الجنوبية الغربية من المملكة – أطروحة دكتوراه – د. عبد العزيز ربيع القحطاني– جامعة الملك سعود – ٢٠١١م.

http://amphibiaweb.org

http://animals.about.com/od/amphibians/a/

amphibian-facts.htm

http://en.wikipedia.org/wiki/Amphibian

http://www.saudiwildlife.com/site/home/category/4

http://www.dnr.state.md.us/wildlife/Plants_Wildlife/

herps/Anura/Toads.asp

http://en.wikipedia.org/wiki/True_frog

http://www.oloommagazine.com/Articles/ArticleDetails.aspx?ID=46

 

مقالات ذات صلة